كيف نستطيع أن نحدث تغييرًا في أقل من 30 دقيقة؟

تمثل فئة الشباب الغالبية الساحقة من المجتمع السعودي اليوم كما هو الحال في أغلب المجتمعات العربية والإسلامية. لذا نجد أن هناك طاقة كبيرة وحراك مجتمعي متسارع في الشارع السعودي والعربي وقابلية كبيرة لكل ما هو جديد وواعد، خصوصاً مع توفر أوقات الفراغ الطويلة. لذا نجد ازدهار في مجال العمل التطوعي وظهور الكثير من الرفق الشبابية في مختلف المجالات الخيرية والاجتماعية والتربوية والدينية. ومع أن فكرة التطوع نفسها قديمة في الدين الإسلامي خصوصاً وفي المجتمعات الإنسانية عمومًا .. إلا أن وجود الشبكة العنكبوتية -الإنترنت- أضفى بُعدًا جديدًا للتفاصيل اليومية لحياة الإنسان المعاصر سواء أثناء عمله أو أوقات فراغه. وبحسب إحصائية مركز الملك سلمان لبشباب عن اتجاهات الشباب السعودي في العمل التطوعي لعام 2014 فإن الغالبية العظمى من المتطوعين تبلغ أعمارهم ما بين 18 إلى 24 سنة. بنسبة 69% إناث و31% ذكور. هذه الطاقات الكبيرة تحتاج إلى ما يستوعبها من أنشطة ومصارف نافعة وتنموية التي لعل من أبزرها: التطوع. وفي ثنايا هذا المقال سنتعرف على أحد الوجهات الحديثة –نسبيًا- في عالم التطوع اليوم هو ما يسمى بـ التطوع الجزئي أو (Micro-volunteering).
ما هو التطوع الجزئي؟
سنويًا يحتفل المجتمع التطوعي في الرابع عشر من مارس باليوم العالمي للتطوع الجزئي. وقد عرض Ben Rigby عام 2010 هذا المفهوم لأول مرة خلال حديثه في فعالية تيد-ناسا. وتقوم فكرة التطوع الجزئي على أداء المتطوع/ـة مهمة صغيرة بلا أجر من “خلال الشبكة العنكبوتية” في مدة زمنية قصيرة -30 دقيقة أو أقل- لصالح مؤسسة خيرية/غير ربحية. وقد وصفت الأمم المتحدة مجال التطوع الجزئي أحد أكثر مجالات التطوع نموًا حول العالم.

كمؤسسات: كيف نبني مشروع قائم على التطوع الجزئي؟
بالنسبة للمؤسسات والمنشآت غير الربحية .. فهناك فرصة كبيرة لتبني هذا النمط من التطوع. حيث يقترح بعض المتخصصين في مجال المنشآت غير الربحية الاستفادة من الانتشار الكبير للشبكة العنكبوتية والهواتف الذكية. خصوصًا أن احتياجات التطوع الجزئي عبارة عن أربع مكونات بسيطة:
وقت
موارد (مهارة/معلومة/مبادرة..)
شبكة عنكبوتية (إنترنت)
مهمة صغيرة سهلة التنفيذ
وبالرجوع إلى الإحصائية السابقة الصادرة عن مركز الأمير سلمان، نجد أن 73% من المتطوعين والمتطوعات غير مرتبطين بعضوية في مؤسسة خيرية معينة و81% منهم يتطوعون “متى ما أتيحت لهم الفرصة” للتطوع. هذه الأرقام تعكس مدى مرونة الشباب السعودي وحاجته لفكرة مثل التطوع الجزئي التي تساعدهم في تحديد مهام معينة تحتاج إنجاز سريع قصير المدى. وهذه مؤشر إيجابي خاصة أن العديد من الجهات غير الربحية لدينا في الخليج لديها مشكلة مع استقطاب المتطوعين المتخصصين في مختلف المجالات. لذلك من المجدي طرح مبادرات تقوم عليها المؤسسات الخيرية بحيث تحول مشاريعها المتوسطة والكبيرة إلى مهام فرعية مجزأة. ومن المهم أخذ الاعتبارات الآتية قبل اتخاذ هذه الخطوة:
عدم ارتباط المهمة بموقع جغرافي معين، بل متاحة 24 ساعة ومفتوحة لكل المتطوعين والمتطوعات حول العالم.
أن لا تحتاج المهام إلى تدريب مسبق.
إرفاق شرح مبسط للمهمة وخطواتها عند استقطاب المتطوع/ـة.
أن لا تتطلب عملية التسجيل للمتطوع/ـة الكثير من البيانات والتفاصيل والوقت.
عدم وجود أي تكاليف مالية قبل وبعد وأثناء أداء المهمة.
أن لا تتطلب المهمة التزام طويل الأجل من المتطوع.
أن تكون المهمة مناسبة لمختلف الأعمار.
الالتزام بالشفافية والوضوح عند عرض فكرة المشروع وإحصائيات المشاركين فيه حتى يشعر المتطوع/ـة بقيمة المشاركة.
فتح باب المشاركة لجميع فئات المجتمع بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة والاستفادة من مهاراتهم فيما يخدم غيرهم.
بناء شبكة تواصل داخلية بين المتطوعين في مهام متشابهة (مثلا وجود تطبيق رسائل فورية) لتسهيل التواصل وتبادل الخبرات فيما بينهم.
أفكار للتطوع الجزئي على المستوى الفردي
بعد أربع سنوات من نشر مفهوم التطوع الجزئي لأول مرة، تحدثت صحيفة الجارديان الريطانية عام 2014 عن تزايد الاهتمام بالتطوع الجزئي حول العالم وظهور العديد من المبادرات الفردية بتطبيق أفكار بسيطة مثل:
إرسال رسائل دعم ومساندة لمرضى السرطان.
التبرع بالفائض من الكتب للمكتبات العامة والمؤسسات التعليمية المحتاجة.
كتابة تغريدات وتصميم صور لمساندة حملات بيئية وإنسانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق